ما بين الكبر والعزة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وعلى آله وصحبه وسلم                                                                                                                                                                   
 الكبر  : هو استعلاء النفس واحتقارها للآخرين ، وهذا الاستعلاء بالباطل يمنعها من قبول الحق .

والكبر قد عرَّفه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر : بَطَر الحق وغَمْط الناس ” . وبطر الحق هو رده بعد معرفته   وغمط الناس هو احتقارهم.

وأما عزة النفس : فهي أنفة الإنسان وترفعه أن يذل نفسه لغيره أو ينكسر أمام أحد ليستجدي منه منفعة أو يعرض نفسه لما يسبب له ذل أو مهانة .

وقد ذكر الأصفهاني الفرق بين الكبر والعزة بقوله :

أما العزة فالترفع بالنفس عما يلحقها غضاضة، وأصلها من العزاز وهو الأرض الصلبة، فالمتعزز من حصوله في عزاز لا يلحقه فيه غضاضة، والعزة منزلة شريفة، وهي نتيجة معرفة الإنسان بقدر نفسه، وإكرامها عن الضراعة للأعراض الدنيوية، كما أن الكبر نتيجة جهل الإنسان بقدر نفسه وإنزالها فوق منزلتها، وكثير ما يتصور أحدهما بصورة الآخر، كتصور التواضع والتضرع والتذلل بصورة واحدة، وتصور الإسراف بصورة الجود، والبخل بصورة الحزم؛ ولهذا قال الحسن ] لمن قال له : ما أعظمك من نفسك؟ فقال: لست بعظيم ولكنني عزيز قال الله تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}، وقال: «لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه».

وطريق تحصيل العزة المحمودة بلزوم طاعة الله تعالى وامتثال شرعه كما قال إبراهيم بن شيبان : «الشرف في التواضع، والعز في التقوى، والحرية في القناعة» .

وفي المقابل فإن المعصية تورث الذل والمهانة ، قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

المعصية تورث الذل ولابد، فإن العز كل العز في طاعة الله تعالى، قال تعالى: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا} أي فليطلبها بطاعة الله، فإنه لم يجدها إلا في طاعة الله، كان من دعاء بعض السلف :»اللهم أعزني بطاعتك، ولا تذلني بمعصيتك»، وقال الحسن البصري : «إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين، إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه.                                                                                                                                                                       هذا والله أعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.