شروط تعدد الزوجات وأحكامه

شروط تعدد الزوجات وأحكامه ، تعدد الزوجات يعني زواج الرجل بأكثر من امرأة واحدة. وتختلف شروط السماح بتعدد الزوجات من ثقافة إلى أخرى ومن دينٍ إلى دين ومن بلد إلى بلد. حيث نجد بعض البلدان تبيح تعدد الزوجات وبعضها يحرم ذلك، بل إن عقوبة الرجل في هذا الأمر قد تصل إلى السجن. وكذلك نجد بعض الأديان ومنها الإسلام والمورمونية “وهي إحدى الطوائف المسيحية” تبيح تعدد الزوجات. ولكن لكل ثقافة ولكل دين أحكامه في شروط تعدد الزوجات على حسب كل ثقافة. وفي هذا المقال من التميز السابع سوف نعمل على إذابة كل الجدل والنقاش في موضوع تعدد الزوجات. وسوف نتعرف على شروط تعدد الزوجات وأحكامه في بعض الديانات وخاصةً الدين الإسلامي وكذلك في بعض البلدان، وعقاب من يتخلف عن تلك الشروط.

شروط تعدد الزوجات

المقصود بتعدد الزوجات

التعدد في اللغة: اسم من مصدر تعدد. مثل تعددت الأطراف. أي: “تنوعت”، وبذلك تعدد الزوجات يعني “التزوج بأكثر من امرأة في وقتٍ واحد.
معنى التعدد اصطلاحاً: يعني التعدد اصطلاحاً كما مثل ما يعنيه لغوياً. أي التنوع والكثرة.
الزَّوَاجُ أَوْ النّكَاحَ فِي الْاِصْطِلَاحِ: عَرَفَهُ فقهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنّهُ عُقَد يُفِيدَ مُلَّكُ الْمُتْعَةِ بِالْأُنْثَى قَصَدَا ؛ أي يُفِيدَ حَلُّ اِسْتِمْتَاع الرَّجُلِ مِنَ اِمْرَأَةٍ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ  نكَاحِهَا مَانِع شُرَّعِيٍّ، أَمَّا فقهَاء الْمَالِكِيَّةِ فَقَالُوا بِأَنَّ النّكَاحَ: عُقَدُ لِحِلِّ التَّمَتُّعِ   بِأُنْثَى لَيْسَتْ مِنَ الْمُحْرِمَاتِ بِسَبَبِ النِّسَبِ، أَوْ  الرّضَاعَ، أَوْ الْمُصَاهَرَةَ، وَلَيْسَتْ مَجُوسِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ أمَةُ كِتابِيَّةُ بِصِيغَةٍ، وَعَرَّفَهُ فقهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنّهُ: عَقَدَ يَتَضَمَّنَ إبَاحَةُ وَطْء بِلَفْظِ إنكاح أَوْ تَزْوِيج أَوََما كَانَ فِيمَعَنَاهُمَا،

وَعَرَّفَهُ   فقهَاءُ   الحنابلة: النّكَاحُ عُقِدَ التَّزْوِيجُ، أَيُّ عُقَد يَعْتَبِرُ فِيهِ لُفِظَ نكَاحٌ أَوْ تَزْوِيجٌ أَوْ مَا كَانَ فِي مَعَنَاهُمَا.

أولاً: شروط تعدد الزوجات في الإسلام :
أباح الإسلام أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة. ولكنه وضع شروط مهمة لهذا التعدد. ومن غير توفر هذه الشروط لدى الرجل الذي يبغي التعدد فلا يجوز له فعل ذلك. وهذه الشروط هي:

(1) العدد المباح به: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى? فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى? وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ? فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ? ذَ?لِكَ أَدْنَى? أَلَّا تَعُولُوا} سورة النساء (آية 3). في هذه الآية، أباح الله للزوج الجمع بأربع نساء، ولا يحل له الجمع بأكثر من ذلك أبداً. بالإضافة إلى أن شرط الجمع بأربع زوجات هنا هو العدل بينهم. والعدل هنا يعني |ان يعدل الرجل بين زوجاته في المأكل والملبس وغيره من الأمور المادية وكذلك الأمور النفسية “أي المعاملة الحسنة والمساواة في المعاملة بين كل الزوجات”. أما الأمور المعنوية الخاصة بالمشاعر تجاه الزوجات. فليس على الرجل إثم فيها، فالقلب يميل لمن يحب. ولكن مع الأخذ في الإعتبار أنه لو تزوج الرجل بأكثر من امرأة وكان يعلم حق اليقين أنه لن يستطيع العدل بينهم منذ البداية، ففي هذه الحالة يكون عليه إثم كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا كانَ عندَ الرَّجلِ امرأَتانِ ، فلم يَعدِلْ بينَهُما جاءَ يومَ القيامةِ وشِقُّهُ ساقطٌ}.

(2) نفقة الزواج: عن ابن مسعود قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ}. والنفقة في حديث الرسول هنا، تعني أن يكون الزوج قادراً مادياً على إعالة كل زوجاته وتوفير المسكن الملائم والمأكل له والباءة هي مؤن النكاح. وحتى من أراد أن يتزوج بامرأة واحدة فيجب عليه أن يكون قادراً مادياً. أما الغير قادر مادياً على إعالة نفقات الزواج، فواجب عليه أن يبادر بالصوم دائماً، فالصوم يحصن المسلم ويمعنه عن الشهوات والهوى.

وبذلك تكون شروط تعدد الزوجات في الإسلام هي العدل والعدد “أربعة زوجات لا أكثر” والقدرة على إعالة الزوجة.

حكم تعدد الزوجات في الإسلام:
هناك خمس أحكام تكليفية خمس لتعدد الزوجات: وهي الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة.

والوجوب هنا يعني: الزواج إذا كان الرجل لا يريد الوقوع في الحرام، فيكون الزواج له عفة وطهارة. وحتى لو كان فقيراً، فالله سبحانه وتعالى يعامل المرء بنيته. كما جاء في السنة المطهرة عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ : الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ). وهو تأكيداً لقول الله تعالى {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمْ اللَّه مِنْ فَضْله}. فالرجل الصالح إذا تعسر مادياً، وقبلت به المرأة زوجاً لها. فالله قادراً على أن يرزقهم جزاءً لهم على عفتهم.

أما الحرمة: فتعني أنه لا يحق للزوج الذي لا يخاف على نفسه من الوقوع في الشهوات والحرام من الجمع بأكثر من زوجة. وليست لديه القدرة على الزواج. أن يجمع بين أكثر من امرأة. ويكره إذا كان الزوج لا يخاف على نفسه من الوقوع في الحرام واتباع الشهوات.

والاستحباب: يعني أنه يحق للرجل الزواج إذا أراد ذلك وتوافرت فيه الشروط التي نصت عليها الأحاديث والآيات القرآنية المذكورة أعلاه.

أما الإباحة هنا تعني: أنه يحق للرجل الجمع بأكثر من زوجة، وذلك إذا كانت زوجته مريضة مثلاً، ولا تقدر على تحمل الإنجاب، أو كانت عاقراً لا تنجب. ويكون الرجل لديه الرغبة في أن يكون له ذرية صالحة، ففي هذه الحالة يكون تعدد الزوجات مباحاً. مع الأخذ في الإعتبار توافر شروط التعدد التي ذكرناها.

مشروعية تعدد الزوجات:
أهم ما يمكن ذكره في هذا المقال عزيزي القارئ، هو أن تعلم حق اليقين أنه لا يحق للزوج أن يستعمل حقه المشروع في تعدد الزوجات حتى ولو توافرت فيه الشروط المذكورة، إلا بعد أن يُعلم زوجته بأنه يريد الزواج بغيرها وذلك في القانون المصري. الذي أعطى للزوجة كل الحق في أن تتخذ قرارها بالبقاء على ذمة زوجها أو المفارقة بالمعروف إذا أراد الزواج بغيرها. {فقد نصت المادة 11 مكرر ( مضافة) إلى القانون 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية: على الزوج أن يُقر فى وثيقة الزواج بحالتهِ الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليهِ أن يُبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتى فى عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثِّق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول”.

أما عن الآيات القرآنية الواردة بشأن تعدد الزوجات فهي:
{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} سورة النساء آية (3). وقد سبق تفسير هذه الآية في شروط تعدد الزوجات.

يقول الله في كتابه العزيز: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}. النساء آية (129).

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه في القسم ويجد نفسه يميل إلى عائشة في الحب : فيقول: {اللهم هذه قدرتي فيما املك، فلا تسألني في الذي تملك ولا أملك}. ويعني ذلك أن القلب يميل لمن يحب بإرادة الله سبحانه وتعالى، وأن المرء عليه أن يعدل ويتقي الله بما يستطيع. أما الحب والميل لأحد الزوجات فلا حرج عليه. ولكن على الزوج أن يعدل بين زوجاته في باقي الأمور التي ذكرناها فيما سبق.

أسباب تعدد الزوجات:
أسباب الزواج تنقسم إلى أسباب عامة خاصة بشأن وحالة المجتمع. وأسباب خاصة تخص الزوج أو الزوجة.

أما الأسباب العامة: فهي أن يكون هدف تعدد الزوجات منها، هو التكاثر والتناسل لرفع نسبة المواليد في البلد ولكن في حدود. حيث أن الكثير من البلدان مثلاً تزداد فيها عدد النساء عن الرجال. أو أن تكون الحرب قد خلفت عنها وفاة الكثير من الناس. فيكون الزواج هنا بغرض عمارة الأرض.

كذلك من أجل عفة النساء. فهناك الكثير من المطلقات والفتيات اللاتي تأخرن في الزواج. فيكون الهدف هنا هو عفتهن. وحفظهن من شر البشر حولهن. فيستمر المجتع في التقدم.

أما فيما يخص الأسباب الخاصة بالزوج أو الزوجة:

العقم: وفي هذه الحالة، إذا كان أياً من الزوجين سواء الرجل أو المرأة، عقيم، ويريد الطرف الآخر أن تكون له ذرية وأبناء. فهنا يحق للرجل الجمع بأكثر من زوجة. إذا توافرت فيه باقي الشروط. وكذلك المرأة يحق لها طلب الطلاق، والزواج برجلٍ آخر إذا كان زوجها عقيماً.

العفة وكبح الشهوات: يحق للرجل الزواج بأخرى، إذا علم أنه يمكن أن يخضع لشهواته. فيكون الزواج في هذه الحالة واجباً عليه.

كذلك يحق للأزواج المفارقة بالمعروف لو أن منهم من كره معاشرة الآخر. فللزوج يحق له الزواج بأخرى، بعد أن تتوافر فيه الشروط ويعلم زوجته. وكذلك الزوجة يحق لها طلب الطلاق.

ويحق للزوج أن يتزوج بأخرى في حالة مرض زوجته وعدم قدرتها على القيام بما عليها من واجبات.

وكل الأسباب التي تبيح معها تعدد الزوجات، لابد من توافر الشروط اللازمة لهذا التعدد وإلا أصبح الرجل آثماً. والله تعالى أعلى وأعلم.

ثانياً شروط تعدد الزوجات في بعض البلدان:
بعض البلاد تبيح تعدد الزوجات:

مدينة “دونج جون الصينية” هي إحدى المدن التي تبيح تعدد الزوجات، فيحق للرجل فيها الجمع بين ثلاثة نساء، ويعود السبب في ذلك إلى كثرة عدد النساء عن الرجال بكثير. على الرغم من أن القانون الصيني يمنع الزواج بأكثر من امرأة.

وكذلك الحال في مدينة موريتانيا، والتي تكثر فيها نسبة هجرة الشباب، والغالبية العظمى من السكان هي من النساء. فقد فرضت الدولة أحكامها بإباحة تعدد الزوجات بسبب تلك الأسباب.

بعض الدول التي تحرم مبدأ تعدد الزوجات:

أما في ألمانيا، فالقانون الألماني ينص على منع تعدد الزوجات. إلا أن بعض المناطق المحلية القليلة تبيح ذلك، وأغلبيتهم من المسلمين.

وفي فرنسا فالأمر متخلف تماماً، فالقانون هناك ينص على أن الرجل الذي يريد الزواج بأخرى، عليه أولاً أن يطلق زوجته الأولى. وإلا تُطبق عليه أحكام القانون، بالسجن لمدة سنة، وقد يصل الأمر إلى دفع غرامة مالية قدرها خمسة وأربعين ألف يورو. لو أنه تزوج بأخرى دون طلاق الأولى، كما يعطي القانون الفرنسي الحق للزوجة في تلك الحالة بأخذ حضانة طفلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.