أيهما أفضل شكر الغنى أم صبر الفقير

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم                                                                                                 لا ينكر أحد ما للمال من أهمية تلقي بظلالها على حياة الأفراد والمجتمعات, فضرورات الفرد وكمالياته لا تتم إلا بالمال وشئون الجماعة المختلفة لا تقوم إلا عليه, ولذا قيل: “المال عصب الحياة”

ومنه قول الشاعر

بالعلم والمال يبني الناس ملكهمُ     لم يبن ملك على جهل وإقلال .ويقول التابعي الجليل سعيد بن المسيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: “لا خير فيمن لا يُعنى بالمال, يقضي به دينه, ويصون به عرضه, ويصل به رحمه”. وإذا كانت للمال كل هذه الأهمية فليس بغريب أن يحتفي الإسلام به, وهو الدين الذي ينشد القوة والعزة لأتباعه. يقول رب العزة، مشيرًا إلى أهمية المال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}(النساء:5) أي لا يحصل قيامكم ولا معاشكم إلا به.لكن ننبه على أن الغني إن انشغل بماله – كسبا أو إنفاقا- عن طاعة الله تعالى، فقد أضره ماله، وحطه عن مرتبة الفضل، وكان هذا من الإفراط المذموم، وكذلك الفقير إن فرط في قضية التكسب وتعامل معها على خلاف هدي الشريعة كان مذموما، كأن يتركه حتى يصبح عالة على الناس، أو حتى يُضيِّع من يعول. وكأن يتصدق بماله كله، ويبقى هو، أو يذر ورثته: عالة يتكففون الناس. فالإسلام يريد المسلمين أتقياء، سواء أكانوا أغنياء أو فقراء! فهو لا يطالب المسلم بالسعي للثراء، ولا يأمره بالفقر، وإنما يكلفه بطاعة الله في الحالين: الفقر والغنى. ولا يصح أن يقال: إن الإسلام دين الفقراء أو دين الأغنياء، بل هو دين الجميع، ويسع الجميع، ويفاضل بين أتباعه بحسب الإيمان والعمل الصالح. ولذلك اختلف أهل العلم في أيهما أفضل: الفقير الصابر أو الغني الشاكر؟ أما الفقر بلا صبر، والغنى بلا شكر، فلا فضل في أي منهما. وإنما الفضل في الحال الإيمانية المرضية عند الله، التي يتلبس بها الفقير صبرا، أو الغني شكرا، ولذلك كان الراجح من أقوال العلماء أن أفضلهما أتقاهما لله تعالى، فإن فرض استواؤهما في التقوى استويا في الفضل، هذا والله أعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.